قصة 3 زوجات الجزء 13

قصة 3 زوجات الجزء 13 Hayah /templates/dist/assets/img/logo.png
جلست من جديد، ومالت برأسها جهة اليمين، ولم تعد ترى وجهي، وكانت دمعاتها تنساب، قطرات طويلة على أنفها،
كانت تبدوا كالتي تهرب من المواجهة، وبدأت تحكي حكايتها التعيسة:

(( أنا بكر والدي، ومنذ كنت صغيرة، كنت ألقب بالقصيرة، وكان الأمر يسبب لي الضيق، لكنه أصبح يقتلني عندما جاءت أخواتي الأصغر سنا، ليسبقنني في الطول، والهم الأكبر عندما بدأت مظاهر الأنوثة تظهر على أخواتي الصغيرات قبلي، فقد كنت أنتظر بروز نهدي بفارغ الصبر لكنهما لم يبرزا يوما، فيما برزت نهودهن جميعا في البيت........!!!! وجرت شهقة قهر، وبكت، .... حسيت بالقهر، والله انقهرت موت، وبشكل خاص لم كل اللي يشوفني يعتقد اني اصغر خواتي، وأني في الابتدائي، تخيلي...... سويت كل اللي أقدر عليه علشان أزيد وزني بس ما فيه فايدة، .....
كان كل من في البيت يسخر مني، وكأن الامر بيدي، حتى أمي كانت تقول لي أني أشبه بالطيطار ( السحلية) وعندما أغضب، او اعبر عن حزني، يسخرون مني ويضحكون علي ويقولون انفجر الشلق ( تقصد الألعاب النارية الخاصة بالأطفال لأنها قصيرة ونحيفة يسمونه في الكويت الشراخي)...كنت في بعض الاحيان اضحك على نفسي واعلق مع زميلاتي على شكلي، لكن في الواقع كنت اتعذب، كثيرا، فأنا انثى وأريد ان أشعر بانوثتي، عندما نذهب إلى حفلة زفاف، لا أجد ما ارتديه، فكل الفساتين لا تناسبني، ليس لدي صدر جميل، وليس لدي طول، ولا أرداف، أني كطفلة، فيما ترتدي اخواتي أجمل الفساتين، ويصبحن كعارضات الأزياء وأنا من بينهن كخادمة رقطاء، ...........!!!!

أنت لم تجربي هذا الشعور، لم تعرفي معنى الإحساس بالنقص الشديد، والإحساس بالقهر، كنت أتعذب ليل نهار، وكنت اعزي نفسي بأني طيبة، وبنت حلال، وأن من سيتزوجني سيهنأ معي فأنا مثقفة وذات قلب أبيض، واستطيع ان أكون نعم الزوجة من فرط طيبتي، وحساسيتي، وأهم من كل هذا فقد كنت صاحبة دين، فقد عرفت الله مبكرا، وتدينت كثيرا والتزمت بالنقاب والحجاب دونا عن كل نساء العائلة، وهنا وجدت لنفسي مكانا تحت ضوء الشمس، فقد بت مميزة في العائلة بديني وحكمتي وعقلي ورزانتي، وقلت في نفس ها قد أصبحت فتاة متميزة ومطلوبة، ...... بل أنا الآن أحسنهم جميعا، ...!!!
وبقي ان انتظر العريس الذي سينظر لخلقي وديني، قبل شكلي، والذي يقدر أخلاقي العالية والتزامي وسيتغاضى عن منظري، وانتظرت طويلا، طويلا، بلا أمل يرجى، فلم يطرق باب بيتنا أحد إلا لخطبة أخواتي الاصغر سنا، أما انا، لم يطلبني أحد،
حتى الشاب العاقل ابن جارنا والذي كان يصرح دائما عن اعجابه بأخلاقي، تقدم لخطبة اختي اللعوب أم العلاقات والمتبرجة ، ولم يتقدم لي..........!!!!
فصدمت وانهرت نفسيا، فقد كنت احبه، بل كنت اظن، انه يحبني هو أيضا، .....!!!
وكان أبي يؤجل خطبة أخواتي حفاظا على مشاعري لكنه في النهاية يأس مني، وخاف أن يفوت أخواتي القطار كما فأتني، وهكذا زوجهن واحدة واحدة أمام عيني، وأنا أنظر لهن، وفي كل مرة أموت، أموت، هل تفهمين، ان تتزوج أخواتك الصغريات وأنت محرومة تتفرجين، حفل الزفاف يستغرق أسبوع، وطوال الاسبوع كل لحظة كل لحظة أنا في صراع مميت، والناس الناس لا ترحمني، فكم مرة ضبطت عيونهم المتطفلة وهم يتفحصون وجهي ليصطادوا مشاعر الإحباط في نفسي، ...... وتبكي....... كانت ايام عصيبة كالجحيم.....!!!

وفي أحد ألأيام، جاء رجل كبير في العائلة لأبي، وقال له تنكح المرأة لمالها أيضا، فقال ابي، ماذا تقصد، قال : اجعلها تعمل، واكتب لها شيء ما باسمها، لعلها تضفر بزوج.....!!! وبالفعل طبق أبي حديثه، بحث لي عن عمل، وحصلت على وظيفة براتب كبير، وكتب لي دكان على الشارع العام باسمي، مما أثار غيرة أخواتي وإخواني، لكن أبي وقف في وجههم وقال لهم هذا مالي وانا حر فيه، وعندما اموت تصرفوا كيفما شئتم.
وكان للمشاكل التي أثاروها أخوتي حول الدكان، فوائد جمة، فقد انتشر الخبر في الحارات، والمدينة بأسرها والله يحفظ التكنولوجيا، ...... وهكذا حصلت على زوج طامع.........!!!!

كان جاسم، شابا طائشا، وقد ترك دراسته مبكرا، وانخرط في العمل العسكري في البداية، لكنه سرعان ما فصل من عمله بسبب عدم انضباطه، فقد كان متسيبا ولا يداوم، ثم عمل في وظيفة أخرى وطرد منها أيضا، لنفس الأسباب، وكان مثقلا بالديون وكان قد ورط والده أيضا في دين كبير، بعد أن كفله بنكيا،
عندما تقدم لي لم يخبرني احد بديونه، كل ما قالوه عنه أنه شاب على قدر حاله، وبسيط، فقلت لا يهمني، المهم أنه رجل يحترمني، ........!!!

ان الانسانة التي تجلس امامك، امراة ذكية، ومثقفة، وجامعية، وكانت مؤدبة، ومحترمة، ..... لكن كل هذا لم يشفع لي كأنسانة، فلم يحترمني الأخرون، فقط لأني قصيرة ونحيفة، ....!!! كانوا يتعاملون معي وفق شكلي وليس وفق عقلي....!!
لهذا تزوجني متكبرا علي، وكان هذا الفاشل المنحط اخلاقيا، يرى نفسه أفضل مني بكثير، يرى أنه أسمى مرتبة مني، كان ينظر لي كخادمة، وأن علي أن أشكره ليل نهار لأنه وافق على الزواج مني.........!!!!
من أنا ......؟؟ في الواقع أنا لا شيء، فالمجتمع الكريه حطمني، المجتمع الذي يعطي الاولوية للأرداف والنهود دمرني، وسرق مني أبسط أمنياتي، الإحساس بانوثتي، ....... فالجميع دونما استثناء لم يكونوا ينظرون لي على أني انثى كاملة......!!!

_ وكيف سمحت للمجتمع بتقييمك، نحن نقيم انفسنا قبل الآخرين لأن الأخرين لا يعلمون عنا الكثير، وعبارة اترك الآخرون يحكمون عليك لا أنت، هي عبارة قديمة يعلوها الغبار، اليوم قيمي نفسك ما دمت مقتنعة وعلى حق،

- لم اعد متأكدة ان كنت على حق ام لا، ...... فقد انقلبت المفاهيم في رأسي، وبات الخطأ صواب والصواب خطا.........

- اخطأت لأنك انتظرت تقييم الأخرين، اما الانوثة فهي تنبع من الداخل لا شأن للأخرين بها، .......... أنت تفرضين شخصيتك على الأخرين، .....


نظرت لي بعينين حزينتين، وقد احمر أنفها وانتفض من شدة الالم، ثم قالت بهدوء وهي تنظر للأرض بذكاء، وجمال غريب لست اعرف من أين انبثق: تعرفين، على الرغم من إني كنت رافضة الاستشارة، بس في داخلي كنت احتاجها وايد، كنت محتاجة أي شخص يكلمني، علشان افرغ اللي في داخلي، اول مرة اتكلم مع شخص بهذه الطريقة، عمري ما شكيت لأحد، تعرفين سمعت عنج من زمان، وكان نفسي أزورج، بس كنت خايفه من ردة فعلج، توقعتج تطرديني، او تبلغين علي الشرطة.....!!!





تصمت وتبتسم، ثم تتابع: أكيد تريدين تضحكين، .....ههه، ههه، ...... استاذه بتصدقيني لو قلت لج إني عمري ما زنيت......!!!!!

قلت: اصدقك، بل متأكدة.......
فتحت عينيها على آخرها ثم قالت: تسايريني كالأطفال، ..!!

قلت: لا، لكن نوعية شخصيتك تأبى الزنى، لا تحتملينه، أنت ذات ثقافة فكرية عالية، لربما تتحدثين هاتفيا لكنك لا تزنين.......
نظرت لي من جديد، وانهارت: لا أرجوج، معقول، فيه حد في هالدنيا يحس فيني، والله والله ثم والله ما قدرت ولا طاوعتني نفسي ازني، والله ما قدرت، ولا يمكن، معدني نظيف يا استاذه، بس......... بس ضميري دوم يأنبني لأني غويت صديقاتي، ...!!


قلت: نتحدث عن صديقاتك فيما بعد، حدثيني أولا عن علاقتك بجارك...؟؟
قالت:علاقة وهمية لا أكثر، ...... أو هي علاقة سطحية بالأصح، كان جاري في أحدى الليالي يسهر في منزله، عندما بدأ شجار كبير بيني وبين زوجي، وكنت أتشاجر معه على كثرة سهره، فقد كان ينوي الخروج كالعادة للسهر والعربدة، فصرخت فيه ارجوه ان يفهمني، وأن يبقى معي، لأني احتاجه، واريده، فقد مرت شهور على اخر مرة حدث فيها جماع بيني وبينه، لكن........ لم يستجب، وبدأ يسبني ويسيء إلي، ثم بدا يضربني ويركلني، وصرت اصرخ، وفجأة سمعنا صوت الباب، كان جاري يدق الباب، ذهب زوجي إليه، وسمعته يقول (( أتقي الله يا أبو حمد لا يجوز تلك امراة مسكينة، وقد وصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالقوارير، تعال معي أريد ان اتحدث معك)) لكن زوجي صرخ فيه: (( انت ما تستحي، بكل بساطة ياي تدق بابي، ياخي أنا حر اضربها اجتلها وانت اش عليك، تباها سير خذها، حلال عليك..!!!))........
فانصرف جاري وهو يدعو له بالهداية، فيما خرج زوجي مغلقا الباب بكل قوة خلفه، وبقيت أنا في مكاني، ودمائي تسيل من قدمي، بعد أن هويت على طرف الطاولة، وبدأت أفكر في جاري، وفي كلماته الحانية، شعرت بأنه (( أمي)) حنون أحن علي من أمي، وتمنيت لو أنه يعود لأبكي في حضنه، وسرحت، واستغرقت في احلام اليقظة، لكني كل احلامي تدور حول الحضن الحاني، ولا شيء اكثر، حتى افقت على نفسي وأنا ابكي كطفلة صغيرة وأصرخ: ((أمااااااااااه، أمـااااااااااه، أأأأأأأأأأأأأأأه، أماااااااااااااااااه،)) وفجأة رن جرس الباب، وخرجت لأجد جارتي هناك، احتضنتني سريعا، وبدأت تهدئني، وأخذتني للسرير، واعدت لي العصير، وجلست قربي تحدثني عن الصبر، ورحمة الله والواسعة، ثم ضمدت جرحي وسألتني أن كنت ارغب في الذهاب للطبيب، ورغم أن الجرح سطحي، لكني اردت الذهاب، لأركب مع زوجها، لأني اردت أن اكون قرب الصوت الحاني الذي دافع عني،
وبالفعل ركبت معهم السيارة، ولكنه كان طوال الوقت صامتا، لم يتحدث، ومع هذا كنت سعيدة جدا، لأني قربه، وشعرت بالحماية، وشعرت بالقوة، والسعادة، لأول مرة أشعر بالسلام،
لم أحسد جارتي على زوجها، بل تمنيت لنفسي زوجا يشبهه، ولهذا حصلت على واحد في احلامي، فقد فكرت كثيرا فيه، وبدات انسج أحلام اليقظة حوله، ولا زلت افعل ذلك وكنت بسلامة نية احكي لميم وواو عن علاقتنا الوهمية، ولم أكن اعلم اني اشعل حواسهن بقصتي،.............!!!
لا يوجد أي ردود على هذا الموضوع