عن جَابرٌ رضي الله عنه قال:كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ وَسَيفُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ، فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: ((لا)). فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: ((الله)).
وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في صحيحه ، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟
قَالَ: ((اللهُ)). قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السَّيْفَ، فَقَالَ: ((مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟)). فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ. فَقَالَ: ((تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَأَنِّي رَسُول الله؟)) قَالَ: لا، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لاَ أُقَاتِلَكَ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ.
قَولُهُ: ((قَفَلَ)) أي رجع، وَ((الْعِضَاهُ)) الشجر الَّذِي لَهُ شوك، و((السَّمُرَةُ)) بفتح السين وضم الميم: الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ، وَ((اخْتَرَطَ السَّيْف)) أي سلّه وَهُوَ في يدهِ. ((صَلْتًا)) أي مسلولًا، وَهُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها.
في هذا الحديث: قوة يقينهِ صلى الله عليه وسلم، وتوكُّله على الله عزَّ وجلّ، وعفوه، وحلمه، ومقابلة السيئة بالحسنة، ومحاسن أخلاقه، وكمال كرمه، وقد قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)