دخل مقاتل بن سلمان على المنصور، رحمهما الله، يوم بويع بالخلافة فقال له المنصور: عظني يا مقاتل.فقال: اعظك بما رأيت ام بما سمعت؟ قال: بل بما رأيت، قال: أمير المؤمنين، إن عمر بن عبدالعزيز انجب احد عشر ولدا وترك ثمانية عشرة دينارا كفن بخمسة دنانير واشترى له قبرا بأربعة دنانير ووزع الباقي على أبنائه، وهشام بن عبدالملك انجب احد عشر ولدا، وكان نصيب كل ولد من التركة مليون دينار، والله يا أمير المؤمنين لقد رأيت في يوم واحد احد ابناء عمر بن عبدالعزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق، وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟ فقال: تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين، وان كانوا غير ذلك فلن اترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى، فتأمل كثير من الناس يسعى ويكد ويتعب ليؤمن مستقبل اولاده ظنا منه ان وجود المال في ايديهم بعد موته أمان لهم، وغفل عن الأمان العظيم الذي ذكره الله في كتابه (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا)،