لأجلها كان الصحابة يفرحون بقدومه!
كان الصحابة رضوان الله عليهم يستقبلون رمضان ويفرحون بقدومه، ولعل هناك سر علمه أولئك السلف وجهلناه، فحرصوا عليه ونحن بقينا على جهلنا وغفلتنا، ولعل السر في دعائهم تلك المدة الطويلة هو لما سمعوا وعلموا عن عروض عظيمة تقدم في رمضان، عروض ربانية يقدمها الله تعالى لعباده في رمضان، فدعونا نتعرف على تلك العروض:
1. رمضان يرفع العبد أعلى درجات الجنان: عن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ – اسم قبيلة - قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ إِسْلامُهُمَا جَمِيعًا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الآخَرِ فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: (مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ)؟ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً) قَالُوا: بَلَى قَالَ: (وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ)؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) رواه ابن ماجه.
2. رمضان يثقل الميزان: فعن أبي أمامة رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: (عليك بالصوم فإنه لا عدل له) رواه النسائي. أي كأنه يقول أنه لا يعدله عمل ولا يكافؤه ثواب، فهو مما يثقل ميزان العبد يوم القيامة.
3. ينجيك من كرب الإحراق: والصيام سينجي صاحبه من كرب الإحراق أثناء مروره على الصراط، فهو عازل لك من النار أثناء مرورك على الصراط، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (الصيام جنة وحصن حصين من النار)، رواه أحمد. وروت عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ، فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلا يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ، وَإِنْ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلا يَشْتُمْهُ وَلا يَسُبَّهُ، وَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ) رواه النسائي.
وعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ َ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا" رواه النسائي. قَالَ أَبُو مُحَمَّد الدارمي: يَعْنِي بِالْغِيبَةِ.
4. الصيام سيشفع لصاحبه: فقد روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان) رواه الإمام أحمد والحاكم.
5. يَسْهُل في رمضان فعل الخير (زد رصيدك): ففي رمضان يسهل عليك فعل الخير والإكثار من الحسنات؛ لأن الله تعالى يقيد الشياطين عنك، فهي فرصة لتزيد فيه رصيدك من الحسنات، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) رواه الترمذي والحاكم.
6. فيه عتق من النار طوال الشهر: حيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: (ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة).
7. القيام مع الإمام ثوابه كقيام ليلة كاملة: فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) رواه الترمذي.
8. فيه ليلة أفضل من قيام العمر كله: إن قيام المؤمن ليلة القدر خير من قيامه ألف شهر، ومعنى ذلك أن من قام ليلة القدر لمدة عشر سنوات فإنه يكتب له ثواب يزيد على من قام ثمان مئة وثلاثة وثلاثين عاماً (830 سنة)، فكأنك رزقت أعمارا كثيرة كلها في طاعة، ألا نفرح بهذه الليلة المهداة لنا؟
9. العمرة فيه كحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان كحجة معي) رواه الطبراني. فلا تحرم نفسك هذا الخير بالاعتمار ونيل هذا الثواب العظيم.
10. صيامه يكفر صغائر الذنوب: فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه. لذلك احرص على التوبة من الكبائر.
11. لك فيه دعوة مستجابة كل يوم: فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة، يعني في رمضان، وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه أحمد.
12. للصائمين باب خاص عند دخول الجنة هو باب الريان: فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ) رواه مسلم.
ألا نفرح بعد كل هذا بقدوم رمضان؟!
اللهم بلغنا رمضان واجعلنا ممن يصومه ويقومه إيماناً واحتساباً.