و هي تتمة لمقال: (كيف تقرر بنفسك ماذا ستنجب زوجتك)
و قد تم تسبيق الذكور قبل الإناث في عنوان المقال من باب التشريف، لقوله تعالى في سورة الشورى : ( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) ، فأدخل الألف واللام على الذكور دون الإناث لأنهم أشرف فميزهم بسمة التعريف.
1) النية:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن مدار الأعمال على النياتْ فإن كانت النية صالحة والعمل خالصا لوجه الله تعالى فالعمل مقبول، وإن كانت غير ذلك فالعمل مردود، فإن الله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك، و لهذا جاء التذكير بالملك قبل التطرق للخلق و الإنجاب، في قوله تعالى: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (500) سورة الشورى.
قال ابن العربي: إن الله تعالى لعموم قدرته وشديد قوته يخلق الخلق ابتداء من غير شيء، وبعظيم لطفه وبالغ حكمته يخلق شيئا من شيء لا عن حاجة؛ فإنه قدوس عن الحاجات سلام عن الآفات، كما قال القدوس السلام؛ فخلق آدم من الأرض وخلق حواء من آدم وخلق النشأة من بينهما منهما مرتبا على الوطء كائنا عن الحمل موجودا في الجنين بالوضع؛
أجمع علماء التفسير أن هذه الآية نزلت في الأنبياء عليهم السلام و إن عم حكمها:
فقوله: (يهب لمن يشاء إناثا) وهب للوط الإناث ليس معهن ذكر، فلم يولد له ذكر وإنما ولد له ابنتان.
و قوله: (ويهب لمن يشاء الذكور) وهب لإبراهيم الذكور ليس معهم أنثى، فلم يولد له أنثى بل ولد له ثمانية ذكور.
و قوله: (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) يعني آدم، كانت حواء تلد له في كل بطن توأمين ذكرا وأنثى، ويزوج الذكر من هذا البطن من الأنثى من البطن الآخر، حتى أحكم الله التحريم في شرع نوح، ووهب لإسماعيل وإسحاق الذكور والإناث، و كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد له أربعة بنين وأربع بنات: أما الذكور فهم: القاسم والطيب والطاهر وعبد الله، و أما الإناث فهن: زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة.
و قوله: (ويجعل من يشاء عقيما) يعني وجعل عيسى ويحيى بن زكريا عليهم السلام عقيمين.
2) طريقة الجماع
1) حين تريد الجماع، لا تنسى أن تأتي بالدعاء: ( بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا) و هو حديث متفق عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضي بينهما ولد من ذلك لم يضره الشيطان أبدا).
و لا تنسى حين إرادة الجماع لا حين الشروع فيه، فإنه لا يشرع حينئذ كما نبه عليه الحافظ ابن حجر.
2) لا تقرب الجماع إلاّ و معدتك خالية من الطعام و الشراب فيكون الجماع أسلم و أطيب، فإذا كانت المعدة مثقلة كانت في الجماع مضرة على الإنسان.
3) لا تجامع إلاّ بعد ملاعبتها فإن ذلك يجمع ماءك و ماءها و تقرب الشهوة من عينها و ذلك أروح لبدنها و أطيب لمعدتها.
قال الشيخ الإمام العلامة ألهُمام سيدي محمّد النفزاوي رحمه اللّه في كتابه (الروض العاطر في نزهة الخاطر): قال بعض الحكماء: إذا أردت الجماع، فلاعب المرأة حتى تلين بين يديك و تنْحل، فإذا رأيتها على تلك الحالة فباشرها، فإذا فعلت ذلك تأتى شهوتكما جميعا و ذلك يقرّب الشّهوة للمرأة، و إذا لم تنل المرأة غرضها لا تأتيها شهوة، فإذا قضيت حاجتك و أردت النزول فلا تقم قائماً و لكن عن يمينك برفق، فإن حملت المرأة في تلك الساعة يكون ذكراً إن شاء اللّه تعالى، هكذا ذكره أهل الحكمة، و قال المعلم رضي اللّه عنهم أجمعين إن من وضع يده في جوف المرأة الحامل و قال بسم اللّه و صلّى اللّه على سيدنا محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قال أللّهم بحرمة سيدنا محمد صلى اللّه عليه و سلم يكون هذا الحمل ذكراً فأسميه محمد على اسم نبيك صلّى اللّه عليه و سلم، و بعد النية في ذلك فإن اللّه تعالى يكوّنه ذكراً ببركة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
قال الأستاذ عكاشة عبد المنان الطيبي في كتابه (الاستشفاء بالقرآن والدعاء) : وذكر عن بعض الثقات أن من قدم اسم الله تعالى عند الجماع، أي جماع زوجته، وقال: اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني، ثم يأمر الزوجة بالاضطجاع على جنبها الأيمن فإن حملها يكون ذكراً بإذن الله تعالى إن قدر الله تعالى حملها من ذلك الجماع...و ذكر أن الإمام السيوطي قال: فقد لازمت هذا الذكر وهذه الصفة فوجدته صحيحاً لا ريب فيه وبالله التوفيق.