وخزه زوجیه...

وخزه زوجیه... Hayah /templates/dist/assets/img/logo.png
🌷وخزة زوجية 🌷

تشاجرت كالعادة مع زوجتى لأحد الأسباب التافهة وتطور الخلاف إلى أن قلت لها : إن وجودك فى حياتى لا نكهة سعيدة معها أبداً ، فوجودك وعدمه واحد ، وكل ما تفعلينه تستطيع أى خادمة أن تفعل أفضل منه.

فما كان منها إلا أن نظرت لى بعين دامعة وتركتني ، وذهبت إلى الغرفة الأخرى وتركت أنا الأمر وراء ظهرى بدون أي إهتمام وخلدت إلى نومٍ عميق.

مر هذا الموقف على ذهنى وأنا أشيع جثمان زوجتى إلى قبرها ، والحضور يعزوني على مصابى فيها.

الشيء الذي راودني هو أني لم أشعر بفرق كبير ؛ ربما شعرت ببعض الحزن ولكنى كنت أبرر ذلك بأن العشرة لها وقعٌ على النفس ، وكلها يومين وسأنسى كل ذلك.

عدت إلى البيت بعد إنتهاء مراسم العزاء ، ولكن ما أن دخلت البيت حتى شعرت بوحشة شديدة تعتصر قلبى وبغصة فى حلقى لا تفارقه.

أحسست بفراغ فى المنزل لم أعتده وكأن جدران البيت غادرت معها ، إستلقيت على السرير متحاشياً النظر إلى موضع نومها ، وبعد ثلاثة أيام إنتهت مجالس التعزية.

أستيقظت فى الصباح متأخراً عن ميعاد العمل ، فنظرت إلى موضع نومها لأوبخها على عدم إيقاظى باكراً كما إعتدت منها ، ولكنى تذكرت أنها قد تركتنى إلى الأبد ، ولا سبيل إلا أن أعتمد على نفسى لأول مرة منذ أن تزوجتها.

ذهبت إلى عملى ومر اليوم ببطء شديد ، ولكن أكثر ما إفتقدت هو مكالمتها اليومية لكي تخبرنى بمتطلبات البيت ، يتبعها شجار معتاد على ماهية الطلبات وإخباري ألا أتأخر عليها كثيراً.

وفكرت أنه بالرغم من أن هذه المكالمة اليومية كانت تزعجني ، ولكنى لم أفكر قط أن طلبها منى ألا أتأخر قد يكون بسبب حبها لي ، أتذكر كلماتها الحنونة ، لكني لم اترجمها واقعاً ، كنت أتعمد التأخير عنها بزيارة أصدقائي ثم أعود إلى البيت وقلبي يتمنى أن أن يرى إبتسامتها الصافية تستقبلنى على الباب وأن أسمع جملتها المعتادة :
جبت كل إللى قلت لك عليه...؟

وأرد عليها : قلبي فى الأكياس ، ما تقولي حاجة ناقصة.

كنت أرى جملتها هذه كأنها سوء إستقبال ، ولكني الأن أشتاق إلى سماعها ولو لمرة واحدة ، فالبيت أصبح خاوياً لا روح فيه ، الدقائق تمر علي وأنا وحيداً كأنها ساعات ، يالله كم تركتها تقضى الساعات وحيدة يومياً بدون أن أفكر فى إحساسها.

كم أهملتها وكنت أنظر إلى نفسى فقط دون أن أنظر إلى راحتها وسعادتها.

كم فكرت فيما أريد أنا ، لا ما تريده هيه ، وزاد الأمر علي حين مرضت ، كم إفتقدت يديها الحانيتين ورعايتها لى وسهرها علي إلى أن يتم الله شفائى كأنها أمى وليست زوجتى.

وبكيت كما لم أبك من قبل ولم أفتأ أردد يارب إرحمها بقدر ما ظلمتها أنا ؛ وظللت هكذا حتى صرعنى النوم ولم أفق إلا على رنين جرس المنبه فإعتدلت فى فراشى ولكن مهلاً تمتمت بكلمات الشكر لله تعالى ، يالله إنه مجرد حلم ، أضغاث أحلام ، لم يحدث شىء من هذا فى الواقع.

هرعت إلى الغرفة التى بها زوجتى إقتربت منها وقلبى يكاد يتوقف من الفرح وجدتها نائمة ووسادتها مغرورقة بالدموع ، أيقظتها فنظرت إليها بإستغراب لا يخلو من العتاب ، لم أتمالك نفسى وأمسكت بيديها وقبلتها ، ثم نظرت لها بعين دامعة وقلت لها من كل قلبي :
أنا أحبك ، إكتشفت أني لا أستطيع الحياة بدونك ، ولكن مما تبكين يا عزيزتي...؟

قالت : خفت عليك كثيراً لمّا وجدتك تتنفس بصعوبة وأنت مغمور في أحلامك.

🔘للأسف الكثير منا لا يدرك قيمة الأحبّة في حياته حتى نفتقدهم.

علينا محاولة تنشيط أواصر المحبة والأخوة والروابط العائلية والصداقة بحسن المعاشرة واللين والكلمة الطيبة.

إن كان عندك مخزوناً من العاطفة والمودة فانثرها على أحبابك ما دمت في أوساطهم ، وإلا بعد الفراق فليس للمشاعر قيمة في غيابهم.

علينا أن نتعلم من الحياة إيجابياتها ، قبل أن يصدمنا قلم القدر ، فنتعلم رغماً على أنوفنا ، كيف نتعامل مع جمالية الحياة.

أدام الله المحبة والسعادة بيننا ، آمين...
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷