ارتبط سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتباطًا شديدًا.
وعلى الرغم من تقدم أكثر من شخص، منهم أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف لطلب الزواج منها، لكن النبي يعلم ميلها لعلي.
غير أن ظروفه لم تكن تسمح له بطلب التقدم للزواج منها، فبدأ الأنصار يقولون له سبقك الكثير، فلماذا لم تتقدم لها؟ قال: ليس عندي شيء، قالوا: ولكن رسول الله يحبك.
ذهب للنبي وجلس أمامه دون أن ينطق.. فسأله: لم تسكت؟، لم يجب، فبادره النبي: لعلك جئت تطلب فاطمة؟، قال: نعم، فقال له: هل معك شيء تتزوجها به؟، فقال: لا يا رسول الله، فقال أليس عندك درع؟، فقال نعم، ولكنه لا يساوي إلا 400 درهم، فقال النبي: زوجتك به، فرد علي: قد دفعت المهر فمتى نتزوج؟، فأجابه النبي: اليوم لو شئت، وتم الزفاف.
وعاشا معًا لسنوات أنجبا خلالها ابنيهما الحسن والحسين، سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت السيدة فاطمة هي أول من لحق بالنبي من أهل بيته بعد وفاته.
ويكشف الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه: "سلوة العارفين" كيف أبلغت فاطمة عليًا بقرب رحيلها، لحوقًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فحينما دخل كرم الله وجهه يومًا عليها وهي تغسل رأس سيدنا الحسن وسيدنا الحسين، ولم تتكلم معه.. فقال علي: يافاطمة رأيت منك عجبًا لم أره قبل هذا؟ فإنك غسلت رأسهما، ثوبهما وخبزت خبزًا كثيرًا ولم تتكلمي معي!! فقالت فاطمة: ياعلي إني فعلت ذلك لأني أريد أن أذهب إلى ضيف، حتى لايكون أولادي جائعين ولم أتكلم معك، لأني أريد الفراق منك، ثم أنشدت هذه ألأبيات في حق أبيها صلى الله عليه وسلم عند الفراق:
إذا أشتد شوقي زرت قبرك باكيا،
أنزح وأبكى لأراك ما بي
ياساكن الصحراء علمني البكا،
وذكرك أنساني جميع المصائب
وإن كنت عني في التراب مغيبا،
فما أنت عن قلب الحزين بغائب.
ثم سألها الإمام علي: "يافاطمة متى ترجعين من عند الضيف؟"، فقالت: "لامرجع إلى يوم القيامة".
قال سيدنا علي: "ماهذا الكلام يافاطمة؟ الوحي منقطع ومن أخبرك بذالك، فقالت: "رأيت البارحة أبي رسول الله محمد في المنام وقال لي يافاطمة طال العهد وأشتد الشوق وأنا منتظرك فلما سمع علي هذا الكلام من فاطمة بكى وأنشد يقول شعرًا
لكل اجتماع من الخليلين فرقة،
وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطمة بعد أحمد،
دليل على أن لا يدوم خليل
وكيف منامي العيش من بعد فقدهم
لعمرك شيء ما إليه سبيل".
ثم قال علي: "يا فاطمة فإني أوصيك بوصية إذا رأيت أباك رسول الله محمد فأقرئيه مني السلام وقولي إني مشتاق إليك والأخرى إن لم تكوني راضية مني فلا تشتكي إلى رسول الله لأني رجل فقير!!! لم أعرف قدرك، والأخرى إذا رأيتني في عرصات القيامة وأنا في يد الزبانية تشفعين لي، فلما سمعت فاطمة هذا الكلام من علي فقالت: "ياعلي ولي إليك وصية أيضًا إذا مت فكفني وادفني بنفسك والأخرى إذا رأيت غريبًا ويتيمًا وشابًا، فاذكر غربتي وشابتي، والأخرى أن لاتصيح ولاتضرب الحسن والحسين".