لا تكن الحاضر الغائب في البيت

لا تكن الحاضر الغائب في البيت Hayah /templates/dist/assets/img/logo.png
تنتاب الزوجة حالة من الإحباط والألم الشديد إذا ما ابتليت بزوج وجوده كعدمه في البيت، لا يؤثر في أفراد أسرته، ولا يتأثر بما يدور من حوله، فهو كالحاضر الغائب في الوقت نفسه، الأمر الذي يشعرها بالوحدة، والغربة، ويزيد من أعباءها، وضغوطاتها، فتتأثر صحتها الجسدية والنفسية سلبا، نظرا للدور المزدوج الكبير الذي تلعبه لسد الفجوة العميقة الذي أحدثها الزوج، ذلك الدور الذي يفوق قدراتها، وطاقة تحمُلها، ويعرضها لأزمات ومشكلات عدة على المستويات كافة..

فالزوج الذي يتعامل مع بيته باعتباره فندقا، يأكل، ويشرب، وينام فيه، ويشاهد التلفاز، ويجلس أمام شاشة الحاسوب ليتواصل مع الأبعدين، ويهمل الأقربين، لهو زوج مقصر في حق زوجته وأبنائه، وظالم لهم، ولنفسه، لأنه بذلك غاش لرعيته، ومضيع لها، وعليه، سيعاقبه الله جزاءً وفاقا..

فإن لم يكن للزوج، والأب تأثير كبير، ودور مهم في حياة أسرته، فسيكون البلاء عظيم، والخسائر النفسية والأخلاقية فادحة بالنسبة للزوجة والأبناء على حد سواء..

مؤلم أن يطيل الزوج النظر في شاشة التلفاز، أو الجوال، أو الحاسوب، ويبالغ في التركيز فيما يشاهد، ويقرأ، لدرجة تجعله ينفصل تماما عن أسرته، ولا ينتبه إلى ما يقولون ويفعلون، وأشد إيلاما أن ينهر ويوبخ من يكلمه من أفراد أسرته – إذا ما اضطر لذلك، ما يؤكد أنه وقع في أسر التكنولوجيا، وأدمن على استخدام المواقع المسماة خطأً بـ"التواصل الاجتماعي"، والتي أعتبرها مواقع للشقاق الاجتماعي – إذا ما أسيء استخدامها..

فوجود الزوج داخل بيته مع وقف التنفيذ، أو حضور جسده فقط، وغياب عقله ومشاعره يؤكد أنه لم يعِ المعاني والأهداف السامية التي شرع الله من أجلها الزواج، كما يشير إلى أنه شخص مستهتر، أناني، لا يكترث إلا بحاله، وغير قادر على تحمل مسؤوليات وأعباء الزواج والأبوة، لذلك يهرب منها إلى عالم افتراضي مزيف، ليصنع لنفسه مكانًا ومكانة في نفوس أناس لا يعرفون حقيقته، ولا يمكنهم معرفة طباعه وسماته الشخصية الحقيقية..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله عز وجل على رعية، يموت يوم يموت غاشًا لرعيته، إلا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة". متفق عليه.

وقال أيضا: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".. رواه الترمذي وابن ماجه.
لذا، يجدر بكل أم أن تربي أبنائها على تحمل المسؤولية، والاعتماد على النفس، وخدمة ومساعدة الأقربين، والحفاظ على الأمانة، حتى إذا ما تزوجوا مستقبلا يكونوا عونًا لزوجاتهم لا عبئا ووبالا عليهن، كما ينبغي على كل زوج، وكل أب، وكل مقبل على الزواج أن يثقف نفسه، ويتدبر معاني الزواج وغاياته، ويقرأ سيرة الرسول الكريم – عليه الصلاة والسلام – ليعي كيف كان – صلى الله عليه وسلم – يتعامل مع زوجاته وأبنائه، فيقتدي به في معاونته ورفقه ورحمته بأهل بيته، وخدمته لنفسه، ولهم..

قالت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في خدمة أهله".
لا يوجد أي ردود على هذا الموضوع