طفلك والعناد

طفلك والعناد Hayah /templates/dist/assets/img/logo.png
:
🌹طفلك والعناد🌹

  عزيزتي الأم، يعد العناد لدى الأطفال مرحلة طبيعية وتعبير عن الذات والاستقلال وصرخة حرية، وهو ظاهرة معروفة في سلوك بعض الأطفال، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يصر على تصرف ما، ويتميز العناد بالإصرار وعدم التراجع حتى في حالة الإكراه، وهو من اضطرابات السلوك الشائعة، وقد يحدث لمدة وجيزة أو مرحلة عابرة أو يكون نمطاً متواصلاً وصفة ثابتة وسلوكاً وشخصية للطفل.

وإنه مشكلة تعانيها أكثر الأمهات، وهو مصدر تعب ونكد وهم، لأن الأم دوماً تحرص على تعليم ولدها الطاعة، ولهذا تظل حائرة حيال رفضها لما تريد منه، ولا تدري كيف تتصرف إزاء عناده؟ ومع أن العناد ليس غريزة تولد مع الطفل كما تتصور بعض الأمهات، بل هو مؤشر على خلل في نفسية الطفل نتيجة سوء التعامل مع غرائزه الفطرية النامية في المرحلة الأولى من عمره، أو هو نتيجة لتأثر الطفل بالبيئة التي يعيش فيها.

وبما أن العناد ظاهرة سلوكية فهي تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر, فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في سلوكه، لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على الأم أو غيرها ممن يوفرون له حاجاته.

وقد يتخذ العناد في مراحل متطورة أشكالاً عدائية فيوجه الطفل سلوكه العدواني تجاه أشقائه في البيت أو زملائه في المدرسة، ويصر على التصرف بعكس المطلوب منه، وربما يلجأ إلى الصياح والبكاء، أو يقوم بحركات عشوائية انفعالية، وفي بعض الأحيان قد يصمت لفترة طويلة على سبيل الاحتجاج، ويبدأ العناد لدى الطفل حينما يتمكن من المشي والكلام قبل سن الثلاث سنوات من العمر أو بعد السنتين الأوليين، وذلك نتيجة لشعوره بالاستقلالية, ونتيجة لنمو تصوراته الذهنية، فيرتبط العناد بما يجول في رأسه من خيال ورغبات. وهناك أنواع للعناد منها ما هو جيد فيجب أن يُشجَّع ويُدعَّم؛ لأنه نوع من التصميم، كأن يصر الطفل على محاولة إصلاح لعبة، فنراه إن فشل يصيح ليبين إصراره على تكرار محاولته، وهذا ما يسمى بـ(عناد التصميم والإرادة) ومنها ما هو سلبي بالنسبة لسلوك الطفل كأن يصر الطفل على استكمال مشاهدة فلم تلفازي بالرغم من محاولة إقناع أمه له بالنوم؛ حتى يتمكن من الاستيقاظ صباحاً للذهاب إلى المدرسة، ويطلق على هذا النوع من العناد بـ(العناد المفتقد للوعي) وأحياناً نرى الطفل يحاول أن يعاند نفسه ويعذبها، ويصبح في صراع داخلي مع نفسه، فمثلاً يرفض الطفل تناول الطعام وهو جائع، برغم من محاولات أمه لإجباره على تناول الطعام، فيطلق على هذا النوع من العناد بـ(العناد مع النفس)أو يكون العناد ناتج عن بعض إصابات عضوية للدماغ مثل أنواع التخلف العقلي يمكن أن يظهر الطفل معها في مظهر المعاند السلبي فيطلق على هذا النوع من العناد بـ(عناد فسيولوجي).

أما أسباب العناد لدى الأطفال فهي كثيرة ومنها:
* أوامر الكبار: التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة للواقع، وقد تؤدي إلى عواقب سلبية؛ مما يدفع الطفل إلى العناد كردَّ فعل كأن تصر الأم على أن يرتدي الطفل معطفاً ثقيلاً يعرقل حركته في أثناء اللعب، وربما يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه، ولذلك يرفض لبسه، والأم لم تدرك هذه الأبعاد.

* رغبة الطفل في تأكيد ذاته: إن الطفل يمر بمراحل للنمو النفسي، وحينما تبدو عليه علامات العناد غير المبالَغ فيه فإن ذلك يشير إلى مرحلة النمو, وهذه تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وقدرته على التأثير.

* التدخل بصفة مستمرة من جانب الآباء وعدم المرونة في المعاملة: فالطفل يرفض اللهجة الجافة، ويتقبل الرجاء، ويلجأ إلى العناد مع محاولات تقييد حركته، ومنعه من مزاولة ما يرغب دون محاولة إقناع له.

* الشعور بالعجز: إن معاناة الطفل وشعوره بوطأة خبرات الطفولة, أو مواجهته لصدمات أو إعاقات مزمنة تجعل العناد وسيلة لمواجهة الشعور بالعجز والقصور والمعاناة.

* الدعم والاستجابة لسلوك العناد: إن تلبية مطالب الطفل ورغباته نتيجة ممارسته للعناد, تُعلِّمه سلوك العناد وتدعمه، ويصبح أحد الأساليب التي تمكِّنه من تحقيق رغباته.

* الحرمان بكل أشكاله وخصوصاً الحرمان من حنان الأم.

* عدم توفير الاحتياجات الضرورية والأساسية للطفل.

* القدوة والنماذج السيئة.
* الفشل المتكرر والإخفاقات المتعددة والمتوالية للطفل.

*الاضطرابات العصبية وكذلك  الضغط النفسي.
بعد أن تعرفنا على أهم أسباب العناد لدى الطفل نتواصل معك عزيزتي المستمعة لنلقي على سمعك طرق للتعامل مع عناد طفلك ومنها:
تحديد المشكلة التي تدفع الطفل على العناد والتعرف على أسبابها فهو نصف الحل. وعليك أن تقومي  بتشجيع الطفل على الاستجابة بكلمات الحب والعطف.وحاولي أن تمتصي غضبه وإشغاله بنشاطات تناسب قدراته ومواهبه.

وقومي بمنح طفلك حق الاختيار بين ما يناسبه وما لا يناسبه.وإياك واستخدام أسلوب العنف أو العقاب اللفظي معه لأنه نادراً ما يفيد مع العناد بل قد يزيد من حدته. وفي حال قيامك بإعطاء  أوامر لطفلك حاولي أن لا تتشددي أو تتسلطي، وأن تقومي بإحتضانه بحنان، ثم الطلب منه القيام ببعض الأعمال التي تريدين منه أن يقوم بها. كذلك قومي بذكر الأعمال الحسنة التي يقوم بها طفلك العنيد أمام الضيوف والأصدقاء مع تجنب ذكر أعماله السيئة وسلوكه العنيد على مرأى ومسمع منهم، فهذا يبث في طفلك روح التحدي ويزيده إصراراً على رفض الامتثال لأوامرك وتعليماتك ان الطلب من الطفل المعاند في مرحلة الطفولة الاولى في ان يعمل كذا يواجه عادة بالرفض وعدم الاستجابة، وحتى نحمل الطفل على انجاز بعض الأعمال الضرورية ينبغي استخدام اسلوب المنافسة، فمثلاً: إذا أردتي من طفلك أن يسرع في مشيه معك في الشارع فقولي له: لنرى من يصل إلى البيت أولا أنت أم أنا؟ وحين تريدين الإسراع في تناوله الطعام قولي له لنرى من الفائز الأول في الانتهاء من فراغ الصحن من الطعام.

عزيزتي الأم للحد من عناد طفلك يمكنك توجيهه نحو الأسلوب الصحيح من خلال التوجيه بالقصة والتي هي من أهم أساليب التعامل مع الطفل العنيد، وخير ما تقصيه على طفلك، هو قصص الأنبياء وسيرة الرسول (ص)، وكذلك التحدث عن عالم الغيب والجنة والنار والملائكة والشيطان والثواب والعقاب والأخلاق الحسنة وضرب أمثال لقدوة حسنة كي تحفز لدى طفلك السعي للتصرف بسلوك حسن وبمرور الوقت يكتشف طفلك أن العناد والتحدي ليسا هما الطريق السوي لتحقيق مطالبه فيتعلم العادات الاجتماعية السوية في الأخذ والعطاء، ويكتشف أن التعاون والتفاهم يفتحان آفاقاً جديدةً في الخبرات والمهارات الجديدة، خصوصاً إذا كنت تعاملين طفلك بشيء من المرونة والتفاهم وفتح باب الحوار معه، مع وجود الحنان الحازم.

أما أن أستمر الطفل بالعناد ما بعد الـ(5سنوات) فهذا سببه التعامل السلبي من قبل أفراد العائلة الذين يعيشون معه.

 عزيزتي الأم ختاماً نقول لك أن التربية تحتاج لوقت وجهد وبذل.

فمن لا يبذل من وقته وجهده وماله لكي يوجه أولاده ويربيهم فلن يرى نتيجة مرضية.ونسأل الله أن يعيننا وإياك على تربية أولادنا ويجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة ونختم حديثنا بقول نبينا الكريم محمد الأمين(ص) "كلكم راع وكلكم مسؤوول عن رعيته".