أولًا: استحضار القلب أنه متوجه إلى الله وتفريغ القلب مما سواه: فعلى الإنسان قبل الدخول في الصلاة مباشرة أن يفرغ ذهنه تمامًا من كل أشغال الدنيا، وأن يدع التفكير تمامًا إلا في عظمة المولى عز وجل، وحينها يدخل الصلاة ولا يشعر بأي شيء إلا بلذة مناجاة الله تعالى، وحينها تتحقق المشاهد المبهرة، فهذا عبد الله بن الزبير كان يصلي بجوار الكعبة وأحجار المنجنيق التي يرمي بها الحَجَّاج تمر من عن يمينه وشماله، ولم يشعر بشيء، وهذا عروة بن الزبير أصاب رجله خبث فقرر الأطباء قطع رجله، فقال اقطعوها وأنا في الصلاة فقطعوها وهو يصلي، ولم يشعر بشيء؛ بل وقبل ذلك عباد بن بشر رضي الله عنه حيث رُمي بثلاثة أسهم وهو يصلي فلم يقطع صلاته، كما في صحيح البخاري، ومثل ذلك في السلف كثير، والسبب في ذلك أنهم كانوا إذا دخلوا في الصلاة نسوا كل شيء بجوارهم، لتلذذهم بالصلاة ومناجاة الرحمن.
ثانيًا: الفهم والإدراك لما يسمع أو يقرأ من القرآن الكريم: وحينما يفهم الإنسان ويتعايش مع كلام الله تعالى، يتحرك قلبه ويقشعر جلده، وتخضع جوارحه، وتبكي عينه، فقد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سمع القرآن وهو يُتلى عليه من فم ابن مسعود رضي الله عنه، وتعايش مع سورة الفاتحة واستشعر أن المولى عز وجل يخاطبك من خلالها، كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي - وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي - فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ». صحيح مسلم (395).
ثالثًا: التعظيم والهيبة لله تعالى: أن تفكر ولو للحظة بين يدي من ستقف؟ كما كان حال علي ابن الحسين، كان إذا توضأ اصفر وجهه، وإذا قام إلى الصلاة ارتعد . فقيل له، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي؟.
رابعًا: استحضار ذنوبك وتقصيرك فتستحيي من الله وتنكسر بين يديه وتخضع وتتذلل له، فيساعدك هذا على الخشوع في الصلاة.
خامسًا: كثرة ذكر الله: فاجعل ذكر الله ملازمًا لك في كل أحوالك، فإن هذا من أعظم الأسباب التي تعين على الطاعة والخشوع فيها تبعًا لذلك، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». سنن ابن ماجه (3793)، صححه الألباني.