جاءتْ عجوز إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها: من أنتِ؟
فقالتْ: أنا جثَّامة المزنيَّة.
فقال لها: بل أنتِ حسَّانة المزنيّة! كيف أنتم؟ وكيف حالكم؟ وكيف كنتم بعدنا؟
فقالتْ: نحن بخير، بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله
فلما خرجتْ من عنده قلتُ: يا رسول الله تُقبلُ على هذه العجوز هذا الإقبال؟
فقال: إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان!
نسيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هيئة جثامة المزنية، فلما سألها عن نفسها، وعرفها، أكرمها، وأقبلَ عليها، فقط لأنها كانت من صويحبات خديجة، وهو إكراماً لعهد خديجة يُكرم صاحبتها، وأن حسن العهد من الإيمان!
قال محمد بن واسع: لا يبلغُ العبد مقام الإحسان حتى يُحسن إلى كل من صحبه ولو ساعة!
وكان إذا باع شاةً يوصي بها المُشتري ويقول: قد كان لها معنا صُحبة!
إن حُسن العهد من الإيمان!
عندما يقعُ بينك وبين صديق لكَ خصومة فتذكَّرْ لحظات الوفاق القديمة، تذكَّرْ الضحكات التي ضحكتماها معاً، والدمعات التي بكيتماها معاً، والخبز والملح الذي أكلتماه معاً، ولا تفجر في الخصومة، ولا تردَّ الإساءة بمثلها، فإنَّ حُسن العهد من الإيمان!
وعندما يقع بينك وبين جار لكَ سوء تفاهم فتذكَّرْ مرضكَ الذي زاركَ به، والعزاء الذي وقف معكَ فيه، وصحن الطعام الذي أهداك إياه في نهار رمضان، فإن العِشرة لا تهون عند النبلاء، وإن حسن العهد من الإيمان!
إن جُرحتَ فغادِرْ بهدوء، وإن أُهِنتَ ابتعِدْ، وكُنْ خير ولدي آدم عليه السلام ذاك الذي رفضَ أن يبسط يده إلى أخيه حتى بعد أن بسطها إليه، فإن حسن العهد من الإيمان!
لا يوجد أي ردود على هذا الموضوع