تعريف العقيقة(النسيكة)

تعريف العقيقة(النسيكة) Hayah /templates/dist/assets/img/logo.png
السؤال:

ما هو التعريفُ الصحيحُ للعقيقة؟ وهل يُكْرَهُ تسميتُها بالعقيقة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالعقيقةُ أو النسيكةُ: اسْمٌ لِما يُذْبَح عن المولود، أو هي: الذبيحةُ التي تُذْبَح عن المولودِ يومَ سابِعِه. وهذا التعريفُ إنَّما هو جارٍ على مَن يُجيزُ النسيكةَ بغيرِ الشاة مِن الأصناف الثمانية كالبقر والجَزور، عملًا بالإجماع الذي نَقَله ابنُ عبد البرِّ ـ رحمه الله تعالى ـ عن العلماء أنَّه لا يجوز في العقيقةِ إلَّا ما يجوز في الضحايا مِن الأزواج الثمانية، إلَّا مَن شذَّ مِمَّن لا يُعْتَدُّ بخلافه.

أمَّا قولُ مالكٍ ـ رحمه الله ـ: «تُسْتحَبُّ العقيقةُ ولو بعصفورٍ» فإنَّه خَرَجَ مَخْرَجَ التقليلِ والمبالَغةِ لقولهـ رحمه الله ـ: «العقيقةُ بمنزلةِ النُّسُك والضحايا»، ولا يخفى أنَّه لا يجوز في النُّسُك والضحايا إلَّا الأنعامُ وهي الأصنافُ الثمانية(١).

أمَّا مَن قَصَرَ إجزاءَ العقيقةِ في الشاة(٢) دون غيرِها، فقَدْ عرَّف العقيقةَ بأنَّها: «الشاةُ التي تُذْبَح عن المولودِ يومَ سابِعِه».

هذا، والأصلُ في معناها اللغويِّ هو الشَّعرُ الذي يُولَدُ عليه كُلُّ مولودٍ مِن الناس والبهائم، ثمَّ أَسْمَتِ العربُ الذبيحةَ عند حَلْقِ شعرِ المولود عقيقةً على عادتهم في تسميةِ الشيء بسببه أو ما يُجاوِره.

أمَّا الجزئية الثانية مِن السؤال وهي: هل يُكْرَه تسميتُها بالعقيقة؟ ففيه مَن يرى كراهةَ تسميتها بالعقيقة لكراهةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للعُقوق(٣)، وإنَّما تُسمَّى عندهم بالنسيكة، وذَهَبَ آخَرون إلى أنه يُباح تسميتُها بذلك مِن غيرِ كراهةٍ لورودِ لفظِ العقيقة في أحاديثَ متعدِّدةٍ منها: قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم مِن حديثِ سلمانَ بنِ عامرٍ الضبِّيِّ رضي الله عنه: «مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ؛ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى»(٤)، وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه ـ أيضًا ـ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُسَمَّى»(٥)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَعُقَّ عَنِ الجَارِيَةِ شَاةً وَعَنِ الغُلَامِ شَاتَيْنِ»(٦).

كما ورَدَتْ لفظةُ النسيكة في مَواضِعَ أخرى مِن الأحاديث منها: قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ»(٧). ونظيرُ ذلك تسميةُ العشاء بالعَتَمة.

والراجحُ الصحيحُ في هذه المسألةِ أنَّ الأَوْلَى تسميتُها بالنسيكة خَشْيَةَ هَجْرِ هذا الاسْمِ، ولِمَا في العقيقة مِن الإشعار بالعقوق؛ فالتسميةُ بها خلافُ الأَوْلَى، بمعنى أنَّه يجوز تسميتُها بالعقيقة، لكِنْ شريطةَ أَنْ لا يُهْجَرَ الاسْمُ الشرعيُّ لها وهو النسيكة، وإنْ أُطْلِق عليها اسْمُ العقيقةِ كما هو الشأنُ في تسميةِ العشاء بالعَتَمةِ فلا يضرُّ ذلك، وإنَّما الكراهةُ في هَجْرِ الاسْمِ الشرعيِّ لها.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

* الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله*